مذكرات رئيس أمريكى

يوميات الرئيس الأمريكي الر احل رونالد ريجان ظهرت إلي النور الأسبوع الماضي في صورة مجلد ضخم حيث اعتاد الرئيس الراحل علي تدوين يومياته في البيت الأبيض بلا انقطاع‏(1981-1989)‏ باستثناء الأيام التي تعرض فيها لمحاولة الاغتيال الشهيرة في مطلع الثمانينيات‏..‏ اليوميات حافلة بالتفاصيل عن السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية ولكن في لقطات سريعة كاشفة تنم عن موهبة في الاختزال وتمرس في الكتابة ووعي بالتفاصيل‏..‏ وبرغم تناثر القضايا بين دفتي المجلد الكبير فإن تتبع خيوط القضايا والشخصيات يرسم ملامح فترة كاملة بدأت بتوليه السلطة في مطلع عام‏1981‏ وانتهت برحيله عن البيت الأبيض في يناير‏1989‏ ليتولي بعده الرئيس جورج بوش الاب السلطة لتتغير أشياء كثيرة في الشرق الأوسط خاصة بعد حرب الخليج الأولي في أغسطس عام‏1990.‏ خصص ريجان الكثير من يومياته للشرق الأوسط ومن بينها الدبلوماسية الأمريكية تجاه مصر ومقابلاته بالرئيس حسني مبارك في واشنطن والرسائل التي بعث بها الرئيس مبارك الي ريجان بشأن قضايا حيوية ومهمة‏.‏

حيث تكشف اليوميات عن الجهد المصري الدؤوب للتوصل الي تسوية شاملة منذ مطلع الثمانينيات في صورة مؤتمر موسع وشامل وقبل وقت طويل من انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في أواخر‏1991,‏ والذي أعقب طرد القوات العراقية من الكويت والرغبة في وضع حد للصراع العربي ـ الإسرائيلي‏..‏ وكذلك‏,‏ ما بذلته مصر من جهد دبلوماسي لمنح ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية شرعية دولية كمتحدث باسم الشعب الفلسطيني وهو ما تسبب في بعض التوتر في العلاقات المصرية‏-‏ الأمريكية‏,‏ هي رؤية للأحداث الكبري بقلم رئيس أمريكي ينظر إليه اليوم باعتباره واحدا من أعظم من حكموا الولايات المتحدة وتعطي جانبا من الحقيقة وليس كل الحقيقة لكنها في النهاية جديرة بالنقل والتأمل والتحليل‏..‏

يستهل ريجان يوميات الشرق الأوسط يوم‏16‏ يناير‏1982‏ حيث يروي من جانبه‏-‏ بالقطع‏-‏ تطور الحوادث بعد اغتيال الرئيس السادات فيقول إن إلكسندر هيج وزير الخارجية عاد بأنباء غير سارة من الشرق الأوسط حيث هناك احتمال بتخلي الرئيس الجديد حسني مبارك عن اتفاقات كامب ديفيد وإعادة العلاقات مع أشقائه العرب فور استعادة سيناء‏,‏ في الوقت الذي يمكن أن يعدل مناحم بيجن‏(‏ رئيس الحكومة الإسرائيلة‏)‏ عن إعادة سيناء برغم أنه أقسم أنه لن يفعل ذلك‏,‏ شارون هو الرجل الشرير الذي يبدو أنه يتطلع إلي الحرب‏.‏

اللقاء الأول في البيت الأبيض
وفي‏13‏ فبراير يروي ريجان تفاصيل اللقاء الأول بالرئيس مبارك في البيت الابيض حيث عقدا لقاء منفردا في المكتب البيضاوي ويقول ريجان‏:‏ كان لدي برنامج كامل عن القضايا التي أود طرحها وقد بدأ الرئيس بتوضيح موقفه من الاتحاد السوفيتي وقد أصغيت إلي ما قاله‏..‏ في اليوم التالي كتب ريجان‏:‏ قررنا منح مصر‏400‏ مليون دولار من أصل‏1,3‏ مليار دولار في صورة مشتروات أسلحة كمنحة لا ترد مقابل‏200‏ مليون كانت مقررة سلفا‏..‏ ويشير ريجان إلي حنكة مبارك في التعامل مع مسألة السماح بمرور سفن تعمل بالوقود النووي لقناة السويس حيث رد الرئيس علي الطلب الأمريكي بالإشارة إلي أن السوفيت سوف يطلبون المعاملة بالمثل في حال سماح مصر للأمريكيين بالمرور‏.‏

وفي يوم‏25‏ أبريل‏1982,‏ يستهل ريجان اليوميات بالإشارة إلي عودة سيناء إلي السيادة المصرية بالقول ان مبارك وبيجن قالا معا السلام للأبد‏..‏ ويوضح‏:‏ قمت بالاتصال بكل من مبارك وبيجن إلا أن مكالمة بيجن كانت حساسة لأن تلك التجربة كانت صدمة‏..‏ فالكثير من أبناء شعبه رفضوا التخلي عن سيناء فكان علي الجيش غير المدجج بالسلاح طردهم ونفذ الجيش الإسرائيلي المهمة‏.‏ وقال ريجان إنه تعهد لكلا الطرفين بأن أمريكا سوف تساعد بأي وسيلة ممكنة لتدعيم عملية السلام‏..‏

غضب مصري
وفي أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان يكتب ريجان عن وصول كمال حسن علي رئيس الوزراء المصري‏-‏ في ذلك الوقت‏-‏ حاملا رسالة اليه من الرئيس مبارك يبلغه فيها ان العلاقات المصرية‏-‏ الاسرائيلية تعرضت لأضرار بالغة وعلي اثرها يقول ريجان في يوميات‏12‏ نوفمبر‏1982‏ إن عليه‏-‏ في اجتماع مقبل مع مناحم بيجن‏..‏ اقناع رئيس حكومة اسرائيل بالتوقف عن العناد‏.‏

وقد تأكدت اللهجة الحادة التي تعامل بها مبارك مع بقاء إسرائيل في لبنان في القمة التالية في البيت الابيض في‏27‏ يناير‏1983‏ حيث كتب ريجان‏:‏ وصول الرئيس مبارك عقدنا اجتماعات هادفة واكدنا عمق العلاقات لكنه‏-‏ الرئيس مبارك‏-‏ كان قلقا بشدة من عناد الاسرائيليين فيما يخص خروجهم من لبنان‏,‏ واعرب مبارك عن تخوفه من ان مبادرة السلام ربما تتعرض للموت نتيجة للعناد الاسرائيلي‏,‏ وقد شاركت الرئيس المصري تخوفه من ان تؤدي اللعبة بين السوريين والاسرائيليين‏-‏ برغم العداء بينهما‏-‏ الي اقتسام لبنان بينهما‏.‏

وفي زيارة مبارك للبيت الابيض في‏30‏ سبتمبر‏1983‏ كتب ريجان عن مناقشة الجوانب الاقتصادية في العلاقات المشتركة وادراك واشنطن ان مبارك تسلم البلد وهي تعاني من ضائقة مالية وقال‏:‏ نحن نحاول المساعدة بالاضافة الي المساعدة في تحديث الجيش المصري‏..‏ أظن اننا نطور علاقة قوية‏.‏